شذرات متفرّقة حول طلب العلم وأساليبه.

استنصحتني صديقة لي عن أساليب المذاكرة التي كنتُ أتّبعها خلال المرحلة الثانوية، فنقلتُ لها شيئاً من ذلك، وقد أخبرتني أنها أفادتها والحمد لله، ونظراً لأنّني أمر بفترة اختبارات، والجميع كذلك، قرأتها من أجلي ونقلتها هنا ربما يستفيد البعض منها.

بسم الله

بالنسبة للمذاكرة صديقتي،
ثمّة هنا أشياء كنتُ أقوم به في المرحلة الثانوية وأخرى أراها نافعة،

أولاً استعيني بالله، وأكثري من الدّعاء، اسألي الله التوفيق... أنا لا أحاول تنميق إجابة مثالية لكِ لكن والله لي مع الدعاء قصة وتحقيق أماني... فالله الله بالدعاء، أكثري منه، واسألي الله تباركَ وتعالى أن يباركَ لكِ في فهمكِ وحفظكِ وتركيزكِ ووقتكِ وعلمكِ وعملكِ.

تعاهدي قلبك بالنية الحسنة، هذه أهم خطوة، ومنها البداية، وهي الموجّه الحقيقي للنهايات.... النية! لا تكن غايتكِ الدّرجة والشّهادة.... زكّي غايتكِ قدر ما تستطيعين... وضعي عبارة الشيخ علي الطنطاوي - عليه أندى الرحمات في بالك، حين قالها يوصي طلاب العلم: "اعلموا أنّ مهمتكم ليست ورقة تنالونها ولكن مهمتكم أمة تحيونها".

انوي الخير، واصدقي مع الله ثم امضِ بالعمل، وستدهشكِ النتائج.

ثمّ ليكن همّك هو العمل بما تعلّمتِ، فلا قيمة لعلم بلا عمل.

أكثري من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها كنز من كنوز الجنة، وكما ذكر عن شيخ الإسلام، حيث قال: (.... لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؛ فإنه بها تحمل الأثقال وتكابد الأهوال وينال رفيع الأحوال)... لعلك تنالين بركة الوقت.... والعلم والعمل.

كذلك القرآن، صديقتي... أحدهم يروي عن نفسه أنه وجد بركة الوقت بالقرآن، وما زال يزيد إلى ورده اليومي من القرآن حتى وصل عشرة أجزاء، لما ناله من بركة الوقت.
وذلك فضل الله، فاسألي الله من فضله.

وإذا كنت تعانين من النسيان فعليك بالاستغفار.... استغفري، وابتعدي عن الذنوب.... لأن العلم نور للقلب ونور الله لا يهدى لعاصي.... كما قال أحدهم، ربما الشافعي رحمه الله:

شكوتُ إلى وكيع سوء حفظي
فأرشدني إلى تركِ المعاصي

وأخبرني بأن العلم نورٌ
ونور الله لا يهدى لعاصي

إذا صعبت عليك مسألة فاستغفري، إذا نسيت استغفري، استغفري، بل أكثري من الاستغفار.... الله هو الفتّاح... وهو القادر على أن يفتح لكِ مغاليق الأبواب والأسباب، ويفتح على ذهنك وقلبك.

ركّزي، التركيز مهم، والتشتيت بين الأعمال كما وصفه أحدهم بأنه "محاولة إفساد أكثر من شيء في وقت واحد". اعزمي على الأمر حتى تنالينه كاملاً، لا تتشتتي، مثلاً عزمتِ على دراسة هذه المادة اليوم، إياكِ أن تتركيها، ولا يقطعك عنها إلا -كما قيل- صلاة أو وفاة.

التشتيت بين المواد يكلفك الكثير من الوقت، ويقطع تركيزك، ولا تؤدين العمل بلأفضل صورة.
لذلك: اهدئي... نظمي وقتك.... فتنظيم الوقت مهم جداً جداً...

حاولي الفهم والتركيز ولا تعتمدي فقط على الحفظ المجرد... صدقيني الحفظ المجرد يضيع الكثير من الوقت... يكفيكِ أن تقرئي العبارة بتركيز... اجمعي قلبك وألقي سمعك وبصرك إلى ما تودين فهمه.... وثم كرري فيما بعد....

حددي المهمة، مثلاً مذاكرة مادة (.....).
قومي بالمهمة، ولا تنتقلي إلى مهمة أخرى قبل أن تنجزي هذه المهمة كاملة، ولكي تقومي بها على أكمل وجه، قومي بها وكأنه ليس لديكِ من المهام غيرها...

ومما يعين على التركيز أن تقفلي جوالكِ وتضعيه في مكان ما بعيداً عن متناول يديكِ.

ولا بأس أن تكافئي نفسك إن أنجزتِ.. بقطعة حلوى مثلاً... أو بمطالعة قصة أو باسترخاء لبعض الوقت أو بوقت تقضيه على الجهاز أو بما تحبين....

ودعيني أخبرك بشيء أثبتته التجارِب....
استمتعي بالوصول إلى الهدف المنشود، فالمتعة تكمن في الطريق للوصول إلى هذا الهدف وليس في لحظة الوصولة فقط.... صدّقي ذلك.

استمتعي وأحبي العمل الذي تقومين به، لا تُشعري نفسكِ أنكِ تقومين بشيء لا رغبة لك به، أو أنك مجبرة مثلا على المذاكرة.... بل استمتعي بها... وكما قال أ. رشدي عثمان: "استمر لأنك تحب أن تستمر، وليس لأنه من اللازم أن تستمر. استمتع برحلتك واعرف قيمة جهدك وصبرك ومثابرتك".

هيئي جواً دراسياً، وانقطعي عن الشواغل، واسحبي الجوال من نفسك.... هذه مهمة،أغلقي الجوال واقطعي وعداً مع نفسك أنني لن آخذه حتى أنهي هذه المادة أو هذا الدرس...
صدقيني الجوال يضيع الوقت ويشتت الذهن ويقطع التركيز....

لا تتوتري، واستعيني بالصبر والتجئي إلى الله، فالله هو الموفّق، والله يكفيكِ أن ترضي الله، لا تعلقي أملك بأستاذ أو طالب أو كتاب... أو أي شيء مهما علا قدره وعظمت قيمته، لكن علّقي أملك بالله، والله عند ظن عبده به. إن ظننتِ به خيراً فلك، أو ظننت غير ذلك فعلى ما تظنين تكون النتائج... فإياكِ إياكِ وسوء الظن بالله...

لا تشعري بالاستغناء بنفسك أو بقدراتك الذهنية أو بدرجاتك.... الله إن أراد رفعكِ بها وإن أراد وضعكِ بها... فالتجئي إلى الله أن يحميكِ ويحفظ قلبكِ من شرّ الظنون.

وأخيراً استودعي الله نفسك... وأحلامك ... وطموحاتك... وهَمّكِ... وهِمّتك..
وعند الله لا تضيع الودائع ولا تضيع الأمنيات ولا تخيب الآمال...

اللهم اجعلها لك واستعملها في طاعتك وارفعها وانفعها وانفع بها ❤💙

وعن أساليب المذاكرة، كنت كثيراً ما أستخدم الخرائط الذهنية، حتى إنني أرسمها وألونها وأعلقها في غرفتي كي تقع عيني عليها دائماً مما أثار الضحك والسخرية من بعض الزميلات، *لكنني بفضل الله كنت أحصل على درجات عالية وهم خليّ الضحك ينفعهم*.

أيضاً عليكِ بالتخطيط، وكتابة جدول زمني للمذاكرة، وكوني صارمة بخصوص ذلك الجدول، كي تحفظي وقتكِ من الضياع وتركيزك من الشتات.

أيضاً هناك نصيحة أظنها كانت للشيخ مشاري الشثري باركه الله، وهي نصيحة مختصرة ثمينة ورد فيها: "سمّ الله واقطع".

وأنا الآن أرشدكِ أن اقطعي حبال العلائق بأهيل التذمر المستمر، والمسلسلات ومضيّعات الوقت، وجماعة "تقطيع الوقت بما لا ينفع"، صدقيني ذلك مما تحمد عقباه، لا أقول لكِ اعتزلي الناس، وانزوي في المكتبة، واختلي بالكتب، والكتب فقط! كلا.... لكن مثلما أن ليست كلّ العلاقات تخدم أحلامنا، طبعاً هناك علاقات تضيعها وتفقدنا الشغف بها، فاحذري..

اجتنبي تضييع الوقت فيما لا طائل منه، دعي عنك الجدل، ومجالسة الثرثارين، وقطع الوقت في أحاديث فارغة، وأمور لا تنفعكِ في الدنيا ولا ترفعكِ في الآخرة.
"أليس الوقت كالسيف! إذن لا تثلم عمرك في المعارك الصّغيرة".

ربما أجبتُ بأمور معروفة وأخرى لا علاقة لها بالموضوع بشكل مباشر، لكنني أراها مهمة، وأذكرها من باب التذكير بها..

أتمنى لكم التّوفيق وأن تكونوا بخير دائما | 💙
تنبيه: هذه النصائح لم أراعي فيها ترتيباً معيناً، وإنما كتبتها اتفاقاً.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة